حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قامَ مع النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في بعض الليالي، يظنُّ أنه سيطيق القيامَ معه، فقام -صلَّى الله عليه وسلم- فقرأ سورةَ البقرةِ كاملةً، ثم قرأ سورةَ النساءِ كاملةً، ثم قرأ سورةَ آلِ عمرانَ كاملةً، لا يمرُّ بآيةٍ فيها رحمةٌ إلاّ وقفَ يسألُ، ولا يمرُّ بآيةٍ فيها ذكرُ العذابِ إلاّ وقَفَ وتعوَّذَ، حتى قال حذيفةُ : لقد هممتُ أن أجلسَ وأتركَهُ -من طولِ القيامِ-
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٢٥)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
وأما في الصيام فكان -صلَّى الله عليه وسلم- كثيرُ الصيامِ حتى يقولَ القائلُ : لا يفطرُ، وكان يفطرُ -عليه الصلاة والسلام- حتى يقولَ القائلُ : لا يصومُ، فكان كثير الصيامِ، وكان كثيرَ الإفطار -عليه الصلاة والسلام-
وفي الجهاد في سبيل الله كان أشجعَ الشجعان، وكان في مقدمةِ الجيوش حتى إن الصحابة كانوا يتَّقُونَ به العدو .
وأما في الصدقةِ والجودِ، فكان أجودَ الناسِ -عليه الصلاة والسلام-، وكان لا يدّخرُ شيئًا على كثرة ما يأتيه من مالِ الله من هنا وهناك، من الجهاد والمغانم والهدايا والأموال، كان لا يدخر شيئًا، وإنما ينفقه في سبيل الله وعلى المحتاجين .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٢٦)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
فالمسلمُ لا يمكنُ أن يلحقَ بالرسولِ -صلَّى الله عليه وسلم-، ولا يمكنُ لأي مخلوقٍ أن يساويَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أو يلحقَ به، ولكنَّ الاقتداءَ مطلوبٌ : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }، فالمسلمُ يقتدي بالرسول -صلَّى الله عليه وسلم- في هذه الخصالِ حسب استطاعته، وإلاّ فإنه لن يلحقَ بالرسول --صلَّى الله عليه وسلم-، ولكن يقتدي بِهِ بحسبِ استطاعته، يصلي من الليل ويصومُ من الأيام، ويتصدقُ من المال، حسبَ استطاعته وموجوده، يشاركُ في كُلِّ خصلةٍ من خصالِ الخير، اقتداءً بالنبي -صلَّى الله عليه وسلم- .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٢٨)
المجلس السابع