قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
ذكرَ الله -سبحانه وتعالى- أشربةَ أهلِ الجنةِ، فقال -سبحانه وتعالى- : { فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ } [محمد:١٥]
هذه الأشربةُ هي أشربةُ أهلِ الدنيا، قد ذكرَ الله -سبحانه وتعالى- أنَّها في الجنة، ولكن تختلفُ عمَّا في الدنيا وعمَّا يعرفهُ الناسُ، وإن كانت تشتركُ في الاسمِ، وتشتركُ في المعنى، ولكن تختلفُ في الحقيقة والكيفية .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٣٤)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
فالماءُ إذا حُبِسَ فإنه يأسنُ وينتنُ، وأما الماءُ الذي في الجنةِ فإنه لا يتغيرُ أبدًا ولا يفسدُ، سواءٌ كان جاريًا أو كان محبوسًا .
واللبنُ الذي في الدنيا إذا تأخَّرَ يفسدُ وتصيبُهُ الحموضةُ والانقباضُ، وربما يتخمَّرُ، أما لبنُ الجنةِ فإنه لا يتغيرُ طعمهُ أبدًا، مهما طالَ البقاءُ ومهما تأخرَ استعمالُه، فإنه دائمٌ طيبٌ لا يتغير .
الخمرُ التي في الدنيا خبيثةٌ منتنةٌ، مزيلةٌ للعقلِ مسكرةٌ، تجرُّ على أصحابِهَا الويلاتِ، تجر عليهم الفساد وذهاب العقول، فهي أم الخبائث وقد حرمها الله ورسوله .
أما خمرُ الجنة، فإنها خمرٌ طيبةٌ، ليس فيها آفةٌ وليس فيها كدرٌ، ولا تذهبُ العقولَ { لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ } [الواقعة:١٩]
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٣٥،٣٤)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
عسلُ الجنةِ أحسنُ من عسلِ الدنيا، بل لا يُشبِهُ عسلَ الدنيا إلا بالاسم، ولهذا قال : { مِنْ عَسَلٍ مُّصَفىً } لأن عسلَ الدنيا فيه كدرٌ، ويحتاجُ إلى تصفيةٍ، ويحتاجُ إلى تَعَبٍ بعدَ تحصيله، خلافَ عسلِ الجنة، فإنه مصفى من الأصلِ، لا يحتاجُ أن أهلَ الجنةِ يتعبون في تصفيته وفي إصلاحه مثلَ ما يتعبون في عسلِ الدنيا، ثم أيضًا عسلُ الدنيا قليلٌ، كمياتٌ قليلةٌ، أما عسلُ الجنة فإنه أنهارٌ تجري { وَأَنْهَٰرٌ مِنْ عَسَلٍ مُّصَفّىً } أنهارٌ كثيرةٌ .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٣٦،٣٥)