قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
نحمدُ الله -سبحانه وتعالى- أن منّ علينا ببلوغ هذا الشهر، ونسألهُ -سبحانه وتعالى- أن يعيننا وإياكم فيه على صالح الأعمال، وأن يتمَّه علينا وعليكم بخيرٍ وعملٍ صالح، فالمسلمُ على خيرٍ دائمًا، ولاسيما إذا منَّ اللهُ عليه بإدراكِ شهرِ رمضان وغيرهِ من المواسم -مواسم العبادة- ووفقه لاغتنامها واستكمالها فيما شُرِعت من أجله، بخلافِ أهلِ الحرمانِ الذين تكونُ حياتهم عليهم وبالاً، تمرُّ عليهم أيامُ الخيرِ وشهورُ الخيرِ وهم في غفلةٍ معرضون، فالإنسانُ إما أن يستعمل أوقاته بالخير، فتعودُ عليه بالنفع، وإما أن يستعملَ أوقاته بالشر فتعود عليه بالضرر، كما قال -صلَّى الله عليه وسلم- : « كُلُّ الناسِ يغدُو، فبائعٌ نفسَه فمُعتِقُها أو مُوبقُهَا »
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٤)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
واللهُ -جل وعلا- جعلَ لعبادهِ المؤمنين أوقاتًا يتقربون إليه فيها بالطاعات، ويؤدُّون ما أوجب اللهُ عليهم، فيفوزون برضى الله -عز وجل-، ويدخُلُون جنته يوم القيامة، وأما إذا أهملوا ما أوصاهم به ربهم -عز وجل-، واتبعُوا أهواءهم وشهواتِهِم وضيعوا فرائض الله، وارتكبوا ما حرَّم الله، فإن الله أعد لهم { نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم:٦]
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٦)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
فالحاصل : أن هذه فرصةٌ عظيمةٌ في عمرك؛ أيها المسلم - فاغتنمها، واسألِ الله أن يعينَكَ على العمل الصالح فيها، واسألِ الله القبولَ والمزيدَ من فضله، فإن من أدرك شهر رمضان ومكَّنَه اللهُ مِنَ الانتفاع به، فقد أنعم اللهُ عليه نعمةً عظيمةً لا يعدِلُهَا شيءٌ، لا يعدلُها -والله- أصحابُ الملايين وأصحابُ العماراتِ وأصحاب العقاراتِ، واللهِ لا يعدلُ هذا الشهر شيءٌ لِمَنْ وفقه اللهُ -سبحانه وتعالى- ولو كان لا يملكُ مَنَ الدنيا ولا فلسًا، إذا مَنَّ اللهُ عليه بهذا الشهر فهو الرابحُ، وهو التاجرُ في الحقيقة، وهو الغنيُّ في الحقيقة، فليس الغني الذي يملكُ هذه الدنيا، فإنه إذا ضيَّعَ الآخرة، الدنيا ليست لأحدٍ، الدنيا ممرٌ ومعبرٌ، ليست لأحدٍ، وإنما هي مثلُ الطريقِ الذي يمرُّ عليه الناس الناسُ كلُّهم، ويترُكونه لغيرهم .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٧)