إي والله هذا اللي محتاجين له كَتَبَة الإنترنت.
يحزنُ القلبُ والله لِما نرى في الإنترنت من إعجابِ كلِّ إنسانٍ بعلمِهِ _ إلا ما رحم الله.
يكثرون من الكتابة ولا علم .
همّه فقط قصٌّ ولصق ، وفلان أبو فلان. ما تجده ربّما قرأ الشيء الذي صنع منه القصّ واللصق ؛ لو سألتَه فيه يقول ”والله ما أدري“ . طيّب ليش نقلته للنّاس!؟ هذا نخاف عليك من الرياء فيه ، أنّه يكون لك إسم فقط [أبو فلان]، و...
لا بدّ أن تتفقّه أنت في الشيء الذي تنقله أولًا وتُحكِمه، ويكون لك منهج في طلب العلم عشر ساعات في اليوم …
أمّا فقط أمام الشّاشة قصّ ولصق وتقليب مواضيع … وين المنهج!؟
هل قرأت كتاب السُّنة كاملًا للبغوي؟ شرح السنّة للبغوي ، زاد المعاد من أوله إلى آخره ؛ منهج في الطلب،كتاب التوحيد، شروحاته …
صار بعضهم : ساعات أمام الشبكة ، ينتقل من موقع لموقع ، يُسَمّى إن صحّ التعبير [[علم التناتيش]] ؛ ينتش من هنا معلومة ، ومن هنا معلومة ... ما عنده منهج يسير عليه.
ثمّ بعد ذلك ما يراه إلا عالِم _ ربّما . يبدأ يجرّح : ”فلان مبتدعٌ ضال“ ، ”حزبيٌّ “ …
يا أخي كيف هذا!؟ لست أفهم كيف!؟
والله ، كلّمتهم من فرنسا، يعني للأسف في أوروبا إنتشر بينهم هذا ؛ الشيطان ضحك عليهم في أنّ السلفيّة لا بدّ من جرح : [1] ، ”أنت سلفي لازم تجرح“.
كأنّه هذا . تجد صغار ما يعرفون أحكام الطهارة ويشتغلون في المجلس في التبديع والحكم بالحزبيّة والحكم... وما درسوا !
أحدهم والله أجزم لو سألته إذا نويت الوضوء تنوي نيّة مُجمَلة أو نيّة لكلّ عضو ؟ عضو اليد، عضو الوجه … أو نيّة مُجمَلة عند الدخول في الوضوء حتّى لو سرَّحت يُجزئك ؛ يقول والله ما أدري.
يا أخي ما تدري أوّل مسائل الطهارة ، تُبدّع ! كيف هذا !؟
مسألة التبديع مسألة إجتهادية يقدر عليها العلماء . أتركها للعلماء وانصرف .
الشيطان يريد أن يشغلكم بهذه المسألة عن تعلّم العلم النّافع.
النبيّ _صلّى الله عليه وسلّم _ قال ‹‹ إحْرِصْ عَلَىْ مَاْ يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بالله ››[2] أو كما قال.
هذا ينفعك الآن!؟ ما تعرف أحكام الطهارة وتتكلم في التبديع ! والله يضرّك هذا ، يضرّك ولا ينفعك.
إنتبه من الشيطان ، له واديان : الغلوّ والتقصير . رآك مقبلًا على منهج السلف ، يجعلك تغلو فيه ، جرح من لا يستحقّ الجرح ، من كثرة الكتابة بغير علم ، من... المهم يصرفك عن العلم.
إنتبه منه. إجعل لك وقت تطلب فيه العلم ، ثمّ إذا تأهّلت إبدأ اكتب .
الآن بعضهم ما تأهّل ويبدأ يكتب ويعلّق ، عانَيْنَا منهم . قرّرنا في بعض الأحيان أن نكتب في بعض المواقع ؛ بعدما يُتعب الإنسان نفسه ويذكر قول لعلّه يراه مفيد يأتي إنسان ما يُعرَف والله من هو ، فقط كُنية ، كنية ما تعرف وجهه : ”العقرب الأسود“ ، ”البقباق“ …
ليش هذا !؟ أظهر إسمك يا أخي !
ثمّ يعلّق تعليقًا سخيفًا ، يهدر بجهد علمي ، كلمة واحدة : ”فيك نفَس فلان أنت“، ”فيك كذا“ .
ما هو علم ولا شيء . كذا . كأنّها حلبة مصارعة أو مباراة رياضية ، أي نعم .
فلا يكتب في الإنترنت إلا ذوو العلم ؛ الآخرون نقَلة فقط كما هو منهجنا في المجلّة ، ممنوع عندنا في مجلّة معرفة السنن والآثار أن يأتي واحد يتشبّع بما لم يُعطى ؛ أوّل ما يفعل ذلك ترانا مباشرة نعزّره بالكلام : إذا بدأ يكتب ” والتحقيق في هذا القول كذا وكذا...“ ونحن نعرفه أنّه ليس من أهل التحقيق ، نقول هذا يضرّك يا فلان . ليش ؟ لأنّ النّاس يبدأون يستفتونك ، وأنت هذا ليس كلامك وهكذا …
فمجلّتنا مثلًا تصلح بفضل الله أن تكون نموذجًا بأنّه لا يكتب إلا من ينقل عن العلماء ، حتّى إذا تأهّل وكان له مَلَكة وقوّة في الترجيح رجّح وبيّن بعد ثناء العلماء الكبار عليه ووصفه بأنّه من ذوي العلم والمعرفة أو له بحوثٌ استفاد منها العلماء واطمأنّوا لعلمه ، في تلك السّاعة يُبيّن أحكام الله من تلقاء نفسه ، أمّا ما دون ذلك فهو ناقلٌ عن ابن تيمية ، ناقلٌ عن كذا … ما يصلح يعلّق على ذوي العلم فيقعد يتقمّص شخصيّة العلماء ويعلّق كما نرى في بعض المنتديات الكبيرة _ وإن كانت تنتسب إلى منهج السّلف _ لكن فتحوا الباب على الغارب ، كلٌّ يكتب، تجد ينتقدون ناس من أهل العلم وهم ما تُعرف أسماؤهم في العلم ولا أحد زكّاهم من العلماء ، فتجده يهجم على ذوي العلم الذين أثنى عليهم العلماء وقد يهجم بكتابة مقال عليهم ، مقال ما يعرف ما هو لأنّه مغرور بنفسه ؛ غروره أنّه ما دام أُهّل للكتابة في ذاك معناها أنّه من أهل العلم . لا يا أخي! أصلًا المشرف ما يكون عالم أحيانًا ، فقط واسطة فلان وفلان دخّله ، ويبدأ يكتب …
هذا ليس معناه أنّك تكتب كما تشاء ، لا بدّ أن تكتب بعلم ، ولا تُكثر من ذلك حتّى لا تنصرف عن العلم ، قلّل يا أخي من الجلوس أمام الشبكة واطلب العلم عند الشيوخ وتواضع لله .
والبعض صار لمّا يكتب حصل له غرور نفسي ، تسأله كم درس تحضر في اليوم في الشّبكة العالميّة ؟ يكاد لا درس إلا ربّما درسًا واحدًا. لم؟ إعتدّ بنفسه ، ”ما دام صرت أكتب فأنا العالِم ما أحتاج أن أجلس“ هذا أمر نفسيّ أشار له عمر ابن الخطّاب :تميم الدّاري _ أو غيره _كان يقول له ((دعني أجلس للنّاس أقصّ أعلّم)) ، قال ((لا تفعل)) ، ويراوده … قال ((لا تفعل)) … ثمّ صدمه بالحقيقة : قال ((أخشى أن تحدّثهم وتحدّثهم حتّى ترى نفسك منهم بمنزلة الثريّا من الثرى فيطأونك يوم القيامة بأقدامهم)) .
الحقيقة هذا أمر نفسي : إذا اعتاد الإنسان أن يعلّم يعلّم يعلّم ولا يتعلّم فإنّه يرى نفسه بمنزلة بحيث أنّه لا يطلب العلم .
هذا كلامنا فيمن ؟ في من لم يطلب العلم كمثل هؤلاء الآن ، فقط اشتغل بالكتابة حتّى رأى نفسه بمنزلة بحيث أنّه لا يسمع علمًا ، فتجده لا يحضر دروس ولا شيء ، يقول ”أنا بدأت أكتب“ .
وماذا يعني أن تكتب ؟ هل صرت ممن يُستمع إلى قوله؟ من أثنى عليك من كبار العلماء حتّى نطمئنّ لعلمك؟
نكتفي بهذا القدر . أسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا وتعلّمنا وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
ــــــــــــــــــــــــ
[1] غير واضح
[2]‹‹ إحْرِصْ عَلَىْ مَاْ يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بالله وَلَا تَعْجَزْ››
الراوي: - المحدث: ابن تيمية - المصدر: الرد على البكري- الصفحة أو الرقم: 397
خلاصة حكم المحدث: صحيح